الاثنين، 30 مارس 2015

مثلث الأحكام المسبقة وخطره على المجتمع


"أنا آسف، لم أكن أعلم ذلك"
هي عبارة غالباً ما نسمعها في حياتنا اليومية تضعنا في موقف أقل ما يقال عنه أنه محرج. فتبدأ مرحلة الاعتذار وطلب السماح بعد أن قمنا بتشويه الصورة الحقيقية والتعرض لمشاعر وكرامات الآخرين.

تبنى الاحكام المسبقة من 3 خطوط رئيسية تشكل مثلثا وفق الآتي:
أولا- الشكل:
بينما كان أحد الحكماء يلقي محاضرة، دخل عليه رجل بلباس مميز وعطر فاخر ثم جلس في الصف الاول وأراد أن يسرق الاضواء، فتوجه إليه الحكيم وخاطبه: "تكلم وأحسن الكلام حتى أراك"
فغالباً ما تغرنا المظاهر وننبهر بأضواء أحدهم، فيما سيكشف أمره عند أول استحقاق.
ثانياً- الانتماء:
وهو أن نتعامل مع الآخرين حسب انتماءاتهم سواء كانت مناطقية، حزبية، أو حتى دينية دون الاخذ بعين الاعتبار الافكار المعروضة. فترى البعض يعارض ليس لسبب الا أن المتحدث ينتمي لوجهة نظر أخرى. فيما لو تكلم زميله لوافق وتبنى الرأي المقترح.
ثالثا- العاطفة:
أحياناً، تغلب علينا العاطفة ونبني أفكارنا على أحداث أو مشاهد لربما كانت مفبركة وغير صحيحة، حيث يسهل التلاعب بمشاعر وعواطف الناس من خلال التعديلات والتأثيرات المباشرة والغير مباشرة في نقل الموضوع.
فتأخذنا الحميّة ونبدأ بنشره بكافة الوسائل المتاحة قبل التأكد منه ليتبيّن لاحقاً أنه غير صحيح.
التخلّص من الاحكام المسبقة:
إن لكل شخص منا آراءه وأفكاره حيث يراها من المكان الذي يقف فيه، وتتعدل الصورة بتغيير المكان.
لذى، يبقى الاستماع الى الآخر والتحاور معه لفهم وجهة نظره بعيدأ عن أية أفكار مبنية سابقاً هي الطريقة الأمثل للابتعاد عن الاحكام المسبقة. فمن الضروري أن نتمتع بمهارة الاصغاء الى الآخر، وهذا ما سنتحدث عنه في العدد القادم.

عبدالرحمن وسام الايوبي
مدير، خبير ومدرّب دولي معتمد في التنمية البشرية والمؤسساتية
ayoubi.ar@gmail.com





الأحد، 22 يونيو 2014

على خطى المبدعين، مبدعة


الشمس تشرق للذي يرى نقطة وصوله مع انطلاقة خطوته الاولى، هكذا تعلمت من أختي التي أكبرها سنا وتكبرني علما.

عندما دخلت المدرسة لأول مرة، كانت ست الحبايب توصلك يوميا، فكان إعجاب الجميع بتفوق ابنتها طبق التميز اليومي.
لم تنجحي صفاً الا بامتياز وبأداء رائع يضعك في المقدمة كعادتك، فاقترن التفوق باسمك حتى بلوغك التخرج الجامعي.

التميز والتفوق عادتك،
أذكر على سبيل المثال، عندما كنت في صف السادس، كيف أن بعض المعلمات قد أعفوك من المسابقات الشهرية، فيما أصر البعض الآخر على طلب ترفيعك الى صف السابع وذلك لحجم الهوة بينك وبين باقي التلاميذ.
أيضاً، عندما كنت في صف البريفيه، كان استاذ الرياضيات يوزع نسخا من مسابقتك على الجميع كي يصححوا اخطاءهم، حيث لم يستعمل قلمه يوماً الا لكتابة العلامة القصوى على مسابقتك.
وفي مرحلة الثانوية، درجت العادة أن يكون هناك اجتماع للأهل من وقت لآخر،
في احدى المرات، قال المدير لأهلنا حرفيا: " شو عم تعملو هون؟ روحو عالبيت الله معكن، بنتكم استثناء"
أما أغرب مشهد، فهو اتصال مدير الثانوية بك ليعلمك نتيجة الشهادة الثانوية، وقد تفاجأنا بحزنك وببكاءك الشديد عند انتهاء المكالمة، فنظرنا الى بعضنا جميعا بدهشة لا توصف، فكان جوابك " يا عمي نجحت بس كان بدي جيب معدل امتياز"
علما انك كنتي على بعد علامات قليلة.
وفي الجامعة، قال عنك أحد الاساتذة: "يا هيك الشغل والبروجيات تنعمل يا بلا"
ومن المؤكد أن الكلام في اللامحدود، لا محدود......
وهكذا كنت تعتلين درج الابداع والتميز الى حين تخرجك من الجامعة وقد تركت الاثر الطيب عند الجميع.

أختي الحبيبة،
لا يمكن لسحابة أن تمطر دون أن تتعرض لتغيرات مناخية، ودون برق ورعد، فهذه سنة الحياة.
ولا حياة لنا ان كان رسم خط بيانات القلب على نحو مستقيم، فالقلب النابض بالحياة هو الذي يشكل رسما صعودا ونزولا.
كذلك نحن في خياراتنا، علينا أن نتعرض لعوامل الانتقال من نجاح الى نجاح،
وبأن ندفع ثمن تميزنا، فبقدرالتفوق والتميز الذي نريد، تكن الاثمان.
وبقدر اشتداد الضغوطات علينا اكثر، تكن المخرجات اكثر صفاءً وابداعاً.

النجاح يليق بك،
فرحي وفخري ليس بحصولك على شهادة الهندسة، فالمئات قبلك أصبحوا مهندسين، والمئات من بعدك سيصبحون كذلك،
إنما فرحي وفخري هو بصاحبة اليد المبدعة التي تحمل الشهادة وبالقيمة المضافة التي ستضيفنها على عالم الهندسة.
كلنا على يقين بأنه كما كانت مسيرتك رائعة وجميلة سابقا، ستكون أروع وأجمل في مستقبلك المشرق.
فلكل فجر جديد شمس تشرق بعد مغيب، ولفجرنا شمس لا تغيب.

من الروح الى توأمتها،
لو قدّر لي بأن أملك مئة عين لما شاءت أن ترى سواك،
لو قدّر لي بأن أملك مئة أذن لإمتلأت ألحاناً من ترانيم صوتك،
لو قدّر لي بأن أملك مئة قلب لإختارت جميعها أن تكون مسكنك،
لو قدّر لي بأن أعيش في زمان آخر، لتركت زماني وعشت في زمانك.


مع دوام النجاح والاررتقاء
خيك عبدالرحمن



الثلاثاء، 8 أبريل 2014

التفكير الايجابي وأسرار الشخصية الناجحة*


الكثير من الناس مرّت عليهم بعض المواقف ثم تمنوا لو يعود الوقت الى الوراء كي يتعاملوا معها بطريقة أفضل.
وقد نجد البعض أيضا خسر فرصاً على مختلف الصعد. كل ذلك مردوده الى التفكير السلبي في ما هو معروض أمامنا، وبالتالي، سنكون معرضين لسيطرت حالات الغضب والحزن على تصرفاتنا .
من أجل وضع حدّ لذلك والتغلب عليه، كان لا بدّ من إعتماد أسلوب التفكير الايجابي في مختلف نواحي الحياة وفق أهم بعض الخطوات.

- فلترة الافكار
راقب أفكارك باستمرار وقم بعملية "فلترة" ذاتية. حيث الافكار الايجابية فقط ستعبر الى الخارج.
فالافكار ستتحول إلى كلمات، والكلمات ستتحول إلى أفعال، والأفعال ستتحول إلى عادات، والعادات ستتحكم في حياتك. فبقدر ما تكون أفكارك ايجابية ستتحول حياتك الى الايجابية.

- معرفة الذات
تعامل بصدق مع نفسك باستمرار ولا تخدعها. حاول معرفة نقاط قوتك وركز عليها، وقم بتوظيفها في حياتك اليومية. فتزيد ثقتك بنفسك ويتطور أداؤك بقدر معرفتك لعناصر قوتك.
لبلوغ التوازن في معرفة الذات، حدد أيضا وبدقة نقاط الضعف، ثم ضع مخططا تلتزم به، واجعله هدفا لعزلها تدريجيا والتخلص منها. (يمكنك مراجعة مقال "تحديد الهدف لتحقيق النجاح" العدد 1426)

- تخيّل الاحداث الايجابية:
العديد من الدراسات العلمية تثبت أن تخيّل السيناريوهات لأحداث مستقبلية تساعدك بشكل كبير على تخطي بعض العوائق، وتسهل عليك تجاوز بعضها الآخر. فلو تخيلت فكرة معينة ثم قمت بعرضها في وقت لاحق، فإن هامش الخطأ سيكون ضعيفا فيما نسبة قبول ما تطرحه ستكون أعلى وأفضل.

أرسم صورتك
في النهاية، ان أي شيء ايجابي في حياتنا أو أي شيء سلبي ينشأ غالبا وفق ما ذكر أعلاه. وهو الشعور الناتج عن المرآة التي ننظر فيها لأنفسنا. فعندما تشعر بأنك قوي سيراك الآخرون قويا، والعكس صحيح. لذلك، قم بالتركيز والعمل على خلق كل ما هو ايجابي وستتحول حياتك الى سلسلة احداث ايجابية متجددة.

* عبدالرحمن وسام الايوبي
مدير، خبير ومدرّب دولي معتمد في التنمية البشرية والمؤسساتية
جريدة التمدن - العدد 1430



الثلاثاء، 18 مارس 2014

فترة الخطوبة فترة لبناء الثقة ومعرفة كل شريك بشريكه ولكن هناك «محاذير» إن غاب الصدق*

مع تزايد نسبة معدلات الطلاق في لبنان، والتي بلغت حداً ملحوظاً يستدعي تسليط الضوء على هذه المشكلة التي ترخي بثقلها على الزوجين، حيث يكون الخاسر الأكبر الأولاد في حال وجودهم.
بعض الأسباب المؤدية إلى الطلاق
لا شك أن العديد من حالات الطلاق يمكن ردها إلى الضائقة الاقتصادية والوضع الذي يعيشه البلد من غياب فرص العمل الملائمة وتدني الأجور جراء دخول العمالة الأجنبية سوق العمل بشكل عشوائي، الأمر الذي شكل عبئاً إضافياً على الزوجين، قد يتسبب بتفكيك الأسرة وانهيارها.
من الأسباب أيضاً:
عدم فهم البعض للحياة الزوجية وحقوق وواجبات الطرفين.
أضف إلى ذلك:
أن مواقع التواصل الاجتماعي دخلت على الخط حيث يقوم العديد من الأطراف بالتعرف إلى أشخاص بطريقة سرية دون أية مراقبة ذاتية أو من الشريك الأول نفسه، ودون معرفة هذا الشريك.
الأمر الذي دفع بالمئات منهم إلى الطلاق بعد إكتشاف هذه «الخيانة» بالطبع.
خطورة «فترة التعارف» أو «الخطوبة»
البعض يعتبر «فترة التعارف» أو «الخطوبة» التي تسبق الزواج هي الأجمل في مراحل العلاقة بين الطرفين.
حيث يسود الوئام والهيام والمعاملة المثلى بين الطرفين.
وهي بدون شك هامة وصادقة في أكثر الأحيان وتضع أسساً صلبة للحياة السعيدة القادمة.
ولكن وبكل أسف هناك أيضاً نسبة كبيرة من هذه العلاقات هي علاقات ترتكز على تحسين وتجميل صورة الشريك أمام الآخر، وسعي كل منهم لتقديم الأفضل عن شخصيته للطرف الآخر، حتى لو اضطر الأمر إلى غياب الصدق.
وما إن تمر أسابيع أو شهور قليلة على زواج الطرفين، حتى تبدأ المشاكل تطفو على السطح، حيث يتبادل هؤلاء الأزواج الاتهامات فيما بينهم، و.. «بأن المعاملة تغيرت كثيراً» عما كانت عليه أيام الخطوبة.
إذ يعتقد كل منهم أن الآخر لم يعد يبادله الحب والاهتمام نفسه كما كان في السابق.
حتى تصل الأمور، بين هذه الفئة من الأزواج، إلى الطلاق في أكثر الأحيان.
وهناك أمر مهم أيضاً يساهم في رفع مستوى الطلاق، وهو العلاقة المبنية على حب عابر وعلاقة عابرة.
فالبعض يحاول تطبيق ما يراه في الأفلام والمسلسلات على أرض الواقع، متجاهلاً الفرق الشاسع بين الخيال والحقيقة.
كيف ينجح الزواج؟
هناك العديد من الخطوات الأساسية التي تؤمّن إستمرارية الزواج ونجاحه.
من أهم خطوات إنجاح الزواج:
- تحكيم العقل لا المشاعر والعواطف.
- وأن لا يبني الشركاء حياتهم الزوجية على كلمة «أحبك» فقط.
- وأن تكون الأدوار واضحة فيما بينهم بعيداً عن الأنانية.
ولكن هناك الأكثرية تعيش حياة زوجية سعيدة وهانئة
هذا الذي ذكرناه هو جانب من الحياة، ولكن هناك جوانب أخرى هي الحياة الزوجية السعيدة والعائلة المتماسكة والتربية الصالحة للأولاد والتعاون الصادق بين الزوجين وعدم السماح لأية ظنون غير صحيحة بأن تؤثر أو تتسبب بإنهيار الأسرة لمتانة ثقة كل طرف بنفسه وبشريكه وهذا واقع حال الأكثرية في مجتمعنا.

* عبدالرحمن وسام الايوبي
مدير، خبير ومدرب دولي معتمد في التنمية البشرية والمؤسساتية
جريدة التمدن - العدد 1428

الاثنين، 10 مارس 2014

كيفية تنظيم الوقت؟ 3 خطوات بسيطة تساعدك في تنظيم وقتك *


قد تمرّ علينا أيام وربما سنين ونحن نغرق في دوامة عدم تحقيق بعض الامور، أو حتى إيجاد وقت فراغ للقيام بالواجبات الاجتماعية. وهذا ما يضعنا مرات عديدة في دائرة الاحراج.
إن تنظيم الوقت هو الدليل الى النجاح، وخلق التوازن في الحياة اليومية على عدة صعد، منها العائلية و العملية.
إحذر من الأعمال البسيطة
إن الاعمال الروتينية التي نراها بسيطة ولا نعتقد انها تأخذ وقتاً، هي الباب الاول في قضاء الوقت.
فمثلاً، لو إعتبرنا عمر الانسان 60 سنة، فإنه سيقضي جزءً كبيراً من وقته كالتالي:
- 8 أيام في ربط الاحذية
- شهر كامل في إنتظار دوره عند الحلاق
- 4 سنوات في تناول الطعام
- 20 سنة في النوم
كيفية تنظيم الوقت؟
إن أفضل طريقة ممكنة لتنظيم الوقت هي تحديد الاولويات والاعمال التي ستقوم بها، سواء كانت يومية، شهرية، أو حتى سنوية.
لتحقيق ذلك، ينصح القيام ببعض الخطوات، والتي سأذكر بعضاً منها فيما يلي:
1. كتابة نشاطاتك اليومية والربط بين الانشطة المتشابهة، مع تحديد الوقت اللازم لإنجازها
2. تفويض الاعمال التي لا تحتاج الى وجودك والتي يمكن أن يقوم بها شخص آخر
3. تنظيم وترتيب مكان العمل، كأن لا تضع أمامك الا ما تريده مع الحفاظ على إضاءة جيدة، وإبقاء سلة مهملات قريبة من متناولك.
العبرة في التنفيذ:
أن تقوم بتطبيق الخطوات الثلاث المذكورة أعلاه يعني أنك قمت بأول خطوة، أي أنك إجتزت نصف الطريق.
أمّا النصف الآخر، فسيكون تجاوزه مرهوناً بالحفاظ على التنظيم وعلى الهمة العالية للوصول الى النجاح في حياتك العملية والاسرية.

* عبدالرحمن وسام الايوبي
مدير، خبير ومدرب دولي معتمد في التنمية البشرية
جريدة التمدن - العدد 1427

الثلاثاء، 4 مارس 2014

الهدف الذكي: طريقك نحو تحقيق النجاح*

من منّا لا يملك هدفاً يتمنّى تحقيقه؟ إن لم أقل كلنا، الا أن معظمنا يرغب بتحقيق أهدافه.
قد يكون الهدف بعيد المنال بالنسبة للبعض وقد يكون صعباً ومجهداً للبعض الآخر، فيستسلم للأمر الواقع ويتخلّى عنه.
لا شك أن الاهداف تختلف من شخص لآخر. فهل حددت هدفك من قبل؟ هل قمت بكتابته على ورقة؟
قد يكون هدفك ان تخسر وزنا معيناً، أو أن تصبح صاحب مؤسسة، أو حتى أن تتخرج من الجامعة، وما الى ذلك.
أياً تكن أهدافك، إليك بعضاً من أهم الخطوات التي ستوصلك الى هدفك إذا إتبعتها.
تحديد الهدف:
إن أول شيئ يجب عليك أن تقوم به هو تحديد الهدف، فهو يتيح لك معرفة الطريق التي ستسلكها مستقبلاً.
تخيّل أنك تسافر في طائرة، ثم قمت وسألت القبطان إلى أين نذهب؟ فأجابك لا أعلم، نحن متجهون الى حيث تأخذنا الرياح وحين ينفذ الوقود، سنهبط في أي منطقة.
ماذا ستكون ردة فعلك؟ بالطبع ستكون مصدوماً وخائفاً لأنك تذهب الى مكان مجهول غير محدد.
وهكذا ستكون الحياة التي نعيشها دون تحديد الهدف ومعرفة ما نود القيام به.

الايمان والاعتقاد بالهدف:
لا يمكن للانسان أن يتقن أي عمل إن كان لا يؤمن به ويعتقد به.
من أهم الأسباب التي تدعو إلى الإيمان بالهدف، هو أن هذا الإيمان سيخلق في النفس حالة من التمسّك به، وبالتالي فإنه لن يتأثر بأية صعوبات قد تواجهه في سبيل الحصول عليه.
أيضا، على الانسان أن يقتنع بأهدافه وأن لا يبقى متعلقاً بالأماني التي تنبع من أسس غير متينة كالمشاعر والرغبات العابرة وغالباً ما تتأثر بالظروف المحيطة.

المرونة:
من أهم عوامل النجاح وتحقيق الاهداف هي المرونة في الحياة، فهي سنّة كونية. أحياناً نمرّ بأزمات وبإخفاقات أو حتى تغيرات تجعلنا في وضع حزين وكئيب، لكن لو كنّا مرنين لما شعرنا بذلك.
على سبيل المثال أذكر جهاز رسم القلب الذي يقيس تحركات القلب ونبضاته، فيكون الرسم "طالع نازل ... طالع نازل.. " وهذا يدلّ على انك مازلت على قيد الحياة. فيما لو كان الرسم خطاً مستقيماً فهذا يدل على أنك ميّت.
وهكذا الحياة، لا بد من وجود المطبّات والعراقيل التي تصادف طريقنا، وكل ماعلينا فعله هو أن نكون أكثر مرونة وألاّ نكون جسماً خشبياً كي لا ننكسر.

في النهاية، يجب أن يكون هدفك واقعياً قابل للتطبيق. أي أن لا تختار هدفاً مستحيلاً يحبطك ويحدّ من رغباتك، وألاّ تختاره سهلاً كي لا تفقد حرارة العمل. فتحقيق الهدف ليس بالأمر الصعب إن توفرت فيه ركائز النجاح.
كل ماعليك فعله هو أن تبدأ الآن بالعمل الجاد وبالمثابرة. وهنيئاً لك بتحقيق الأهداف و بتذوق لذة النجاح.

* عبدالرحمن وسام الايوبي
مدير، خبير ومدرب دولي معتمد في التنمية البشرية
جريدة التمدن - العدد 1426

الخميس، 27 فبراير 2014

باب التبانة: مقدمة نظرة عن كثب*

كانت «باب التبانة» قديماً تسمى «باب الذهب»، لكن التسمية الأخيرة إنطوت مع تلك الأيام والسنين التي كان فيها الخير والإزدهار لهذه المنطقة العزيزة.
التبانة كانت الوجهة المفضلة لأبناء طرابلس والمناطق التي حولها من عكار إلى الضنية وزغرتا والكورة والبترون وحتى مدينة جبيل.
كيف لا، وهي تؤمّن لهم حاجياتهم الغذائية على عدة صعد من خضار وفاكهة ومأكولات أخرى بأرخص الأسعار.
وكانت التبانة تستأثر بمعظم الزبائن الباحثين عن صيانة لسياراتهم، وتستقطب الجزء الأكبر من أصحاب المهن، فكانت من قلب الضجيج تنشر السلام والأمان.
مع غياب الدولة التدريجي وتقاعسها عن أداء واجباتها.
وغياب الإنماء.
وفرص العمل.
وانعدام الأمن.
ومع ذاك الغياب وهذا الحضور عادت المعارك تنهش من التبانة.
والأحوال تسوء بسرعة.. جولة بعد أخرى.
فيما صوت العدالة يختنق بروائح البارود أمام أعين المؤتمنين على البلد.
وتأتي الفاتورة باهظة جداً بعد كل معركة.
الخسائر البشرية لا تعوّض.
واليد التي بترت لن تعود إلى الأطفال كي يلتقطوا بها الكرة مرة أخرى.
قد لا يصح تحميل جزء من التقصير والمسؤولية إلى من سلبت حقوقه وحرم من أبسط أمور حياته.
إلاّ أن تكسير المدارس وسرقتها لمرات ومرات أمر مرفوض.
وأن فرض «خوة» شهرية على مؤسساتها أمر غير أخلاقي وغير مقبول على الإطلاق، لا سيما أن تلك المدارس تؤمن لأولادهم التعليم، وتلك المؤسسات تؤمن لأبنائهم العمل الشريف والمال للعيش الكريم.
لقد بلغت التبانة اليوم حداً خطيراً من الاهمال والنسيان، وسيقت أحلام أطفالها إلى الجحيم.
خلال إحدى ورشات التنمية البشرية، سألت أحد التلامذة عن حلمه المستقبلي.
فأجابني أنه ينوي العمل في مغسل سيارات.
بينما زميل آخر له يتمنى أن يصبح قائد محور.
وثالث حلمه أن ينقل أحجار الخفان من الشاحنة إلى داخل العمارة وهكذا...
لا شك أن الحرب فعلت فعلتها، لكن نوعاً بسيطاً من الاهتمام والمتابعة قادر على رفع سقف الطموح لديهم، بأن يمتلك الأول، مثلاً، معرضاً للسيارات.
وأن يصبح زميله قائداً عسكرياً لحماية الوطن.
وأن يكون الآخر مهندساً مبدعاً في العمارة وهكذا أيضاً...
كان الأجدر أن تنفق ملايين الدولارات التي تهدر الآن في المواقع الخطأ، كان الأجدر ان تنفق لدعم الشباب العاطلين عن العمل، كإعادة تطوير خبراتهم وإكسابهم مهارات جديدة ومميزة تشجعّهم على النهوض بمنطقتهم وأسرهم وتعزيز نموها.
ولا ننسى، هنا، واجب دعم المدارس من خلال تأهيل المباني وتجهيزها بما يتناسب مع متطلبات العلم الحديث، وعبر تأمين رسوم التسجيل والقرطاسية للتلاميذ غير القادرين على متابعة الدراسة وحماية الأهل من إستجداء المسؤولين أو المقتدرين مع بداية السنة الدراسية.
بالنهاية، قد يكون إعتراف الدولة الفعلي بتقصيرها بداية حل في التبانة عبر إعادة الأمن إليها وإلى مناطق التوتر، وتطبيق العدالة الشاملة، والعمل بجدية من أجل إنماء صادق على مختلف الصعد الإقتصادية والتربوية والصحية والإجتماعية.
وإعادة ردم الهوة بين المتنازعين أملاً بتضميد ندبات المعارك.

*عبدالرحمن وسام الأيوبي
مدير، خبير ومدرب دولي معتمد في التنمية البشرية
جريدة التمدن - العدد 1425