الجمعة، 23 ديسمبر 2011

لوحة عاشق

خيوط ليل تتمايل كمجرى نهر ينساب فوق المناكب
وعيون أبحر الفينيق فيها من دون أشرعة، من دون مراكب
الى أرض السلام، الى مروج نيسان
الى ثغر تفتح وتلاءت بداخله اللآلئ
حورية هي...
حورية هي لو نادتك لارتميت بحضنها كلاجئ
كلامها عذب وصوتها لحن تنشده شفاه وردية
وأناملها تراقص الهوى كرقصة عاشق على آلة موسيقية
أو كعازف تسكره أوتار القانون
فتزيده طربا، ويزيدها هياما كعاشق مجنون
ويزداد الليل في جنونه جنون
ويطول السهر، وتنسى العيون بأن لها جفون

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2011

ارحل

ارحل
ارحل فالأرض من تحتك بركان
وماعاد لوجودك أي كيان
اقتل، دمر، شوه ماشئت من أبدان
واملأ صورك على الجدران، وانشر أصنامك في كل مكان
فالموج الغاضب آت...آت لسحق الأوثان
ارحل
لملم قمصان السود، لملم قطعان الجرذان
ماعدت أطيق هواكم، ماعاد جسدي يتقبله كأنه الغثيان
فهو رجعي فاسد يحارب كل الأديان
فآباكم زرعوا الشوك وآبائي  أنا صنعوا الأرجوان
اصبر، قاوم يا وطني، فشعلة حق لا تطفأ تتغذى من روح الانسان
ارحل
فقد أصابك الجنون وماعدت تصغي لأي كان
لا تصغي لترتيلة راهب، لآية شيخ حتى لكلمة فنان
سجنت أبي، قهرت أمي، وهدمت البيت العمران
وشققت البرعم عن غصنه وألبسته الكفن بدلا من زهرة نيسان
ارحل من دون غفران...
عش ذليلا...مت بعيدا...كنافق على أرض النسيان

الخميس، 1 ديسمبر 2011

الخطباء السياسيون في لبنان :أصواتهم تخترق الأحياء الفقيرة لتزيد وجع المحرومين

انه مهرجان سياسي آخر، عنوانه الاحتفال بعيد الاستقلال انما من ورائه توجيه رسالة الى الداخل والخارج. فرسالة الداخل تستهدف الرئيس نجيب ميقاتي وحلفاءه ،حيث جاء المهرجان في عاصمة الشمال وفي قلب مدينته عله يربك الشارع الميقاتي.
أما رسالة الخارج، فهي موجهة الى سوريا وتحديدا الى نظام الرئيس بشار الاسد الذي يواجه ضغوطات خارجية ومعارضة داخلية في الشارع. فكانت الرسالة بتوجيه تحية الى المعارضة السورية من جهة، والى القول إن فريق 14 آذار وتحديدا تيار المستقبل لا يزال يمتلك القاعدة الشعبية الأقوى في الشمال من جهة أخرى.
لكن الوسيلة المستخدمة كما جرت العادة هي اللعب بورقة الشعب. هذه الورقة التي أصرت على أن تكون رهينة بأيدي اللاعبين الكبار الذين ما زالوا يستخدمونها ويراهنون عليها كلما وصلوا الى طريق مسدود داخل أروقة السلطة ،ضاربين عرض الحائط حاجياته ومتطلباته الاساسية.
لم يعد خافيا على أحد أن معظم الطبقة الاجتماعية المتوسطة مهددة بالسقوط الى مستوى الطبقة الفقيرة خاصة مع الارتفاع العشوائي في أسعار المواد الاستهلاكية من دون أي تعديل على زيادة الاجور. فارتفعت تلك الاسعار أضعافا عما ارتفعت عليه عالميا. فنذكر على سبيل المثال أن سعر البيض ارتفع عالميا بنسبة لا تتجاوز ال%2 بينما ارتفعت نسبته في لبنان بما يقارب ال20%. هذا من دون أن ننسى باقي السلع ولاسيما الاولية منها، الامر الذي انعكس سلبا على المواطن وخاصة لجهة عدم قدرته على تحديد مصروفه، حيث ان الاسعار ترتفع بنسب غير مدروسة وبشكل فجائي.
أما اذا نظرنا في وضع الطبقة الفقيرة فهي مزرية للغاية، حيث بات العديد من أفرادها يعيشون تحت مستوى خط الفقر، والبعض الآخر دون عتبة الحد الادنى من الاجور. وبالحديث عن الذين يعيشون تحت خط الفقر،فإن هناك نسبة كبيرة من العاملين في مجال الحرفيات والأقمشة لا تتجاوزأجورهم الشهرية نصف الحد الادنى المتعارف عليه. وكل ذلك يجري في غياب تام للجهات المعنية المختصة.
بالرغم من كل تلك التحديات والصعوبات التي تواجهها الشريحة الكبرى من المجتمع، إلا أن أحدا" لا يكترث بأمرها. فالذين ينادون اليوم بتعزيز قدرات الدولة لخدمة الشعب هم انفسهم كانوا البارحة في السلطة. فعجبا لامر الذين تناسوا أن في الشمال مصفاة يقتصر تشغيلها على جزء بسيط من قدرتها، ومرفأ بحاجة الى التوسيع والتطوير، ومعرض دولي تأخر انجازه لسنوات طوال، ومطار معطل. كل هذه المشاريع وغيرها كانت لتشكل نقلة نوعية لطرابلس والشمال بصورة خاصة وللبنان بشكل عام، علما" أنها توفر فرص عمل للآلاف على كافة الصعد.
لكن على ما يبدو أن هذه المشاريع مجمدة في الوقت الذي يحتاج فيه اللبنانيون الى خلق عشرات آلاف فرص العمل لمواجهة الأزمة المعيشية في ظل مخاوف من ارتفاع معدل التضخم. ففي حديث لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، توقع أن يصل معدل التضخم الى حوالي ال%6 هذا العام بسسب ارتفاع أسعار النفط والسلع الأولية. وتجدر الاشارة الى ان معدل التضخم السنوي في لبنان لعام 2010 بقي دون ال%5.

الاثنين، 21 نوفمبر 2011

الاستقلال ان حكى

صار عمري 68 ولم أذق مرة حلاوة الاستقلال! لقد انتظرت كثيرا يوم اللقاء، ولكنكم مازلتم تكبلون حريتي بالاصفاد، أصفاد الفساد والتبعية والتخوين. أصفاد لم يستطع المستعمر أن يتحمل تداعيتها، فانجلى وصار عمري 68.
 ومع كل عام يمضي، أحلم  بأن اللبنانيون سيتوحدون وبأن العام المقبل سيكون أفضل وبأن الايام المقبلة ستحمل في طياتها نسمات الربيع. ولكن الطائفية تأبى لتزيد الندبات في شجر الخلود، وتختفي الفصول ويتوالى الخريف عقب الخريف  تماما كما على السلطة تتوالون .
أفيقوا يا أبناء بلدي، واستعدوا لكسر الاصفاد. ألم يكفكم أنكم ما عدتم قادرين على تحمل متطلبات الحياة؟ ألا تسمعون أنين أطفالكم؟ أما اشتاقت الامهات  لأولادها؟ وأنتم أيها الغائبون قصرا ألا يشدكم الحنين الى أرض الآباء وعطر الوطن؟ ألا انتفضتم لكرامتكم المسلوبة؟ ما بالكم تعيشون جميعا في مستنقعات الفتن وتزرعون الاشواك لأولادكم فيما ظلال الأرز وحيدة تنظر في عيونكم من عليائها أن تعودوا لتحضنكم.
عذرا يا أبنائي لأنني أخشى منكم أن تفقدوني ثانية، عذرا لأنني مللت الانتظار، فالجرح طال نزيفه، والدمع يبس فوق الجبال، والسماء ماعادت تتسع الشهداء.  



الخميس، 13 أكتوبر 2011

تغير المناخ والأزمة البيئية العالمية: بين الحد من خطورة الوقود الاحفوري وتفعيل الطاقة المسالمة


التغير المناخي يحصل بسبب رفع النشاط البشري لنسب غازات الدفيئة في الغلاف الجوي الذي بات يحبس المزيد من الحرارة. فكلما اتبعت المجتمعات البشرية انماط حياة أكثر تعقيدا واعتمادا على الآلات، احتاجت إلى مزيد من الطاقة. وارتفاع الطلب على الطاقة يعني حرق المزيد من الوقود الاحفوري (النفط-الغاز-الفحم) وبالتالي رفع نسب الغازات الحابسة للحرارة في الغلاف الجوي. بذلك ساهم البشر في تضخيم قدرة مفعول الدفيئة الطبيعي على حبس الحرارة. مفعول الدفيئة المضخم هذا هو ما يدعو إلى القلق، فهو كفيل بان يرفع حرارة الكوكب بسرعة لا سابقة لها في تاريخ البشرية.تغير المناخ ليس فارقا طفيفا في الانماط المناخية، فدرجات الحرارة المتفاقمة ستؤدي إلى تغير في أنواع الطقس كانماط الرياح وكمية المتساقطات وأنواعها إضافة إلى أنواع وتواتر عدة أحداث مناخية قصوى محتملة. ان تغير المناخ بهذه الطريقة يمكن ان يؤدي إلى عواقب بيئية واجتماعية واقتصادية واسعة التاثير ولا يمكن التنبؤ بها. بعض العواقب المحتملة هي التالية:
1. خسارة مخزون مياه الشفة: في غضون 50 عاما سيرتفع عدد الاشخاص الذين يعانون من نقص في مياه الشرب من 5 مليارات إلى 8 مليارات شخص.
2. تراجع المحصول الزراعي: من البديهي ان يؤدي اي تغير في المناخ الشامل إلى تأثر الزراعات المحلية وبالتالي تقلص المخزون الغذائي.
3. تراجع خصوبة التربة وتفاقم التعرية: ان تغير مواطن النباتات وازدياد الجفاف وتغير انماط المتساقطات سيؤدي إلى تفاقم التصحر. وتلقائيا سيزداد بشكل غير مباشر استخدام الاسمدة الكيميائية وبالتالي سيتفاقم التلوث السام.
4. الافات والامراض: يشكل ارتفاع درجات الحرارة ظروفا مؤاتية لانتشار الافات والحشرات الناقلة للامراض كالبعوض الناقل للملاريا.
5. ارتفاع مستوى البحار: سيؤدي ارتفاع حرارة العالم إلى تمدد كتلة مياه المحيطات، إضافة إلى ذوبان الكتل الجليدية الضخمة ككتلة غرينلاند، ما يتوقع ان يرفع مستوى البحر من 0,1 إلى 0,5 متر مع حلول منتصف القرن. هذا الارتفاع المحتمل سيشكل تهديدا للتجمعات السكنية الساحلية وزراعاتها إضافة إلى موارد المياه العذبة على السواحل ووجود بعض الجزر التي ستغمرها المياه.
6. تواتر الكوارث المناخية المتسارع: ان ارتفاع تواتر موجات الجفاف والفيضانات والعواصف وغيرها يؤذي المجتمعات واقتصاداتها.لم تواجه البشرية سابقا ازمة بيئية هائلة كهذه. ومن السخرية ان الدول النامية التي تقع عليها مسؤولية اقل عن تغير المناخ هي التي ستعاني من اسوأ عواقبه. كلنا مسؤولون عن السعي إلى وقف هذه المشكلة على الفور. اما إذا تقاعسنا عن اتخاذ الاجراءات اللازمة الآن لوقف ارتفاع الحرارة الشامل قد نعاني من عواقب لا يمكن العودة عنها.
الحل لوقف تغير المناخ بما ان حرق الوقود الاحفوري هو المصدر الأساسي لغازات الدفيئة ينبغي ان نقلص اعتمادنا على النفط كمصدر أساسي للطاقة. والحلول البديلة موجودة: الطاقة المتجددة "المسالمة" وترشيد استخدام الطاقة. تقدم الطبيعة مجموعة من الخيارات البديلة من اجل إنتاج الطاقة. ومع توخي ترشيد استعمال الطاقة، تؤمن موارد الطاقة المتجددة كالشمس والهواء والامواج والكتلة الحيوية مصادر فاعلة وموثوقة وتحترم البيئة لتوليد الطاقة التي نحتاجها وبالكميات التي نرغبها. لن يتطلب تطبيق هذه الحلول اي تنازل من المواطنين عن انماط حياتهم، بل سيخولهم الدخول إلى عصر جديد من الطاقة يأتي عليهم بالازدهار الاقتصادي وفرص العمل والتطور التكنولوجي والحماية البيئية. سنركز بين الحلول البديلة المتوافرة على الموردين الذين يتمتعان باكثر التقنيات تطورا في هذا المجال


الجمعة، 27 مايو 2011

صيف لبنان: تسونامي يهدد العباءة الخضراء

مع اقتراب كل فصل صيف، تبدأ الآحاديث والتكهنات عن عدد السواح الذين سيأتون الى لبنان خاصة وأن هذا الموسم  قد يحمل نسبا عالية اذا ما استقر الوضع الداخلي واستثمر الغليان العربي بنحو ايجابي. وهذا يدل على أن الموسم "ولعان" ولكن هل يتعداه الى الغابات التي تبقت!!!
منذ  بعض السنوات والى الآن تستمر حوادث حرائق الغابات في لبنان حيث التهمت النيران أحراج بلدات عدة محوّلة أشجار الصنوبر والسنديان المعمرة الى رمادٍ في ساعات قليلة
ومع غياب استراتيجية واضحة لمعالجة استمرار مسلسل الحرائق، تدعو اللجنة اللبنانية للوقاية من الحرائق الدولة وجميع الأجهزة المعنية والمواطنين الى اعلان حالة طوارئ بعد تعرض العديد من المناطق اللبنانية الى حرائق ضخمة، حتى يصح القول انها كارثة وطنية بيئية.
غابات خضراء تحولت رماداً، هذه هي حصيلة موسم الصيف الماضي حيث أتت النيران على الأخضر واليابس. وللأسف ان موسم الحرائق في لبنان مستمر حيث يؤدي الضغط المعيشي ببعض الافراد في القرى الى قطع ما تبقى من الاشجار لتحويلها الى فحم للتدفئة في فصل الشتاء خصوصا مع ارتفاع أسعار المازوت، وكأن ألسنة النيران التي التهمت أرضنا في الماضي لم تكفينا.
ان انعدام وعي المواطنين حول خطورة اشعال النيران في الغابات وتركها مشتعلة بالاضافة الى الاهمال في تطبيق قانون الغابات فضلا عن تخاذل المسؤولين المعنيين عن تأدية واجبهم في مراقبة وحماية الاحراج، تدفع لبنان الى حافة التصحر.
أسباب نشوب الحرائق في الغابات
 • اشعال النار من قبل المتنزهين لتحضير الطعام في الغابات.

 • رمي الزجاج والنفايات التي تعكس أشعة الشمس وتساهم في احداث الحريق.
 • رمي السجائر من قبل المتنزهين التي تحرق الأعشاب اليابسة.
 • لهو المتنزهين بالمفرقعات النارية في الغابات.
 • حرق الاشجار المفتعل من قبل تجار الاخشاب ومصنعي الفحم.
 • الارتفاع الشديد في درجات الحرارة خلال فصل الصيف
• لجوء المزارعين إلى حرق الأراضي بهدف تنظيفها، ما يؤدي إلى خروج الحريق عن سيطرتهم. من هنا نشدد على المزارعين ضرورة الحصول على إذن خاص وابلاغ الدفاع المدني قبل المباشرة بأي عمل إذ أن معظم هذه الحرائق تخرج عن  السيطرة وتؤدي إلى خسارة مناطق زراعية هائلة.
لذلك، ومن أجل الوقاية من الحرائق يجب العمل باعادة احياء مهنة النواطير في الاحراج للمراقبة والتنبيه عن اي مخالفة تحصل في الحرج ما يجنب تحول غاباتنا رماداً ويؤمن فرص عمل للشباب في القرى. وهذا قبل
انقراض المناطق الحرجية في لبنان إذ لم تعد تزيد نسبتها عن 10 في المئة كحد أقصى، إذ ما استمر مسلسل الحرائق. كما يجب وضع استراتيجية وطنية لمعالجة هذه الآفة والحد منها واعلان حركة طوارئ لانقاذ ما تبقى من ثروتنا الحرجية. 
وبالنهاية، ان "قانون الغابات" التي وضعته الدولة يجب أن يحترم ويطبق اذ
 ان التطبيق الصارم لقانون الغابات الصادر في 7/1/1949، وحده الكفيل بانقاذ ما تبقى من لبنان الاخضر حيث تنص المادة 106 على أنه لا يجوز لأحد أن يحرق الشوك والعشب والقش وغيره من النبات إلا برخصة من مصلحة الغابات في الأراضي الواقعة على بعد أقل من 500 متر من الغابات وذلك من 1 تموز الى 13 تشرين الأول وعلى أقل من 200 متر في باقي أيام السنة، والى تطبيق المادة 109 من القانون نفسه التي تنص على أنه يمنع الرعي مدة عشرة سنوات على جميع مساحة الغابة المحروقة والمقطوعة أشجارها.

الجمعة، 15 أبريل 2011

على هامش الحياة........حياة! *



هو فتى صغير يكاد يبلغ ال13 سنة من العمر. التقيته في صباح عاصف، عندما كنت خارجا من أحد المكاتب المختصة بانجاز المعاملات.
كان يحمل خشبتين مهترأتين بعض الشيء، على ما يبدو أحضرهما من احدى ورشات البناء لتشكل متكئا له. لماذا؟ لأن احدى أرجله قصيرة لا يستطيع لمس الأرض بها، أما الثانية فهي أسوأ حالا لأنه لا يقدر أن يمشي عليها بسب مرض ما حدثني عنه لاحقا..
كانت خطواته خفيفة وسريعة رغم المشاكل الجسدية التي يعانيها. فينتقل مع رجليه الخشبتين بين السيارات والمارة عابرا الشارع من جهة الى أخرى.
لقد أذهلني ذلك المشهد فتبعته! كانت وجهة سيره ترسم اتجاها نحو مستوعبات النفايات. ما ان وصل اليها حتى بدأت الأكياس تتطاير يمينا وشمالا الا أن التقط شيئا ما وبدأ يأكله بطريقة غريبة وكأنه هارب من مجاعة!
عندها اقتربت منه مسرعا فسألته عن الذي يفعله فأجاب
أنه قبل البدء بالعمل، كان من الضروري ايجاد شيء يأكله ليخمد أنين معدته الذي حرمه النوم لساعات في ليل تجمدت فيه الجدران لشدة برودته.
تلك الفضلات المرمية شكلت له فطورا لا بأس به. ما ان انتهى حتى عاد الى المستوعب مجددا ممزقا بيدي الطفولة التي غدر بها الجميع أكياس النفايات ليحصل على شيء يمكن بيعه.
لم يحالفه الحظ في المستوعب الأول، فتركه وانتقل لآخر، فعاودت أيدي الطفولة التي غدر بها الجميع لتمزق أكياسا أخرى. وما هي الا لحظات حتى أخرج عدة عبوات فارغة ليضعها بتأن وبروية داخل كيس كبير من القش كان أحكم الصاقه بدراجته النارية الصغيرة. ولما أراد الرحيل استوفته قليلا فسألته عن عمله ولماذا وكيف أصبح هكذا؟ نظر الي بجرأة - براءة الطفولة وأخبرني بأن أباه اضطر للعمل بدوام ليلي في مؤسسة خاصة وبات يهتم بشؤون البيت في النهار بعد أن توفيت أمه (أم الولد). فكان يجهز لنا الطعام ويهتم بنظافتنا ويساعدني واخوتي على قدرمعرفته بواجباتنا المدرسية. ولكن ذات ليلة بينما هو ذاهب للعمل، صدمته سيارة أثناء عبوره الطريق، فظل ممدا على الأرض لساعات الا ان أنقذه شخص ما وأخذه الى المستشفى. لقد أصيب أبي بكسور عدة أجبرته الجلوس في المنزل. سكت قليلا، ثم تابع سائلا اياي الذهاب الى بيته لرؤية ما يعانوه.  عندها أحسست بشئ ما أخذ بيدي ووضعها على رأسه ثم على كتفه، وبدأت أفكر أأعطيه مالا أم أذهب معه؟ فكلتا الحالتين غير مجدية لأنها لن تغير الواقع.
لقد آلمتني تلك اللحظات، وآلمني ذلك الصباح، وآلمني أكثر عدم قدرتي على فعل أو تقديم أي شيء سوى مظلة كنت أحملها فأعطيته اياها علها تحميه من أمطار ذلك الصباح.
ركب دراجته النارية الصغيرة وسار بها الى مكان آخر ليس بأفضل من المكان الذي كان به. تابعت طريقي سيرا على الأقدام حتى اختنق صوت دراجته الصغيرة بضجيج المدينة!

*       قصة حقيقية حصلت معي في شتاء 2010-2011

الثلاثاء، 29 مارس 2011

رياح التغيير

لقد أثبتت الثورات التي حصلت والتي ما تزال تحصل والتي يتوقع حصولها في الدول العربية، أثبتت قدرتها على فرض تغيرات وتحولات جذرية على النظام الجيوسياسي وعلى العلاقات فيما بينها وبين الغرب. لذا يمكن الحديث عن ثلاثة أجزاء أساسية من التحول.
التحول الأول ظهر في البلدان التي انتصرت فيها الثورة على الأنظمة الدكتاتورية، ومحاولة خلق ديمقراطية جديدة. ولعل الحالة الأهم هي الثورة المصرية وذلك لموقعها الجغرافي، ولنوعية علاقتها مع الغرب واسرائيل، وموقعها المتقدم في الصراع العربي الاسرائيلي.
من جهة أخرى، يشير الواقع المصري الى العبور نحو دولة ديمقراطية عبر تعديل الدستور واجراء الاستفتاءات مما يدل على أهمية مشاركة الشعب في صنع القرار على عكس ما كان يجري ابان حكم النظام السابق.
هذا التحول يفرض النظر بعين الاعتبار التحول الذي سيطرأ على سياسة مصر الخارجية والتي ستبدأ بمراجعة العلاقة مع اسرائيل واتفاقية كامب دايفيد دون الانسحاب منها أو تغييرها، والتي باتت تعتبر اتفاقية باردة لأن السلام لم يترجم أي تقارب بين الأطراف. أيضا هناك الوضع الفلسطيني- الفلسطيني والتي ستعمل الخارجية المصرية على تقريب وجهات النظر والتحرك نحو لعب دور ما حول غزة والحصار المفروض عليها.هذه التحركات ستؤمن لمصر العودة فعليا الى القيادة العربية.
التحول الثاني هو في البلدان التي تعيش الثورة والتي يتوقع اشتعال نار الثورة فيها. كخطوة استباقية وتفاديا لضغط الجماهير، قام الملك المغربي مؤخرا بالاعلان عن سلسلة خطوات من شأنها تعزيز سلطات كل من الوزير الأول والبرلمان دون أن يتطرق الى الوضع المعيشي والاجتماعي.
من المتوقع أنه اذا استمر الملك في التغاضي عن المواضيع الحياتية فان الشارع المغربي سينفجر في نهاية المطاف.
غير أن الوضع مختلف في اليمن والبحرين وليبيا حيث أن جميع محاولات الأنظمة باءت بالفشل بعد أن رفضها الشارع داعيا باسقاط الأنظمة في تلك البلاد.
أمام هذه التحولات كانت الولايات المتحدة تسعى دائما للحفاظ على مصالحها كونها الفاعل الأساسي في المنطقة. لذلك قامت مؤخرا باعادة بلورة سياستها الخارجية اتجاه بعض الدول وترتيب الحلفاء وذلك لتحقيق التوازن بين الديمقراطية الجديدة ومصالحها، ولحماية كل من الأسطولين الخامس والسادس في البحرين والمتوسط.
أخيرا تبقى الأنظار على الشوارع المشتعلة في بعض البلدان لمتابعة ولمعرفة الى ما ستؤول اليه الأحداث والتطورات دون الغفلة عن البلدان التي هي قيد انشاء الديمقراطية الجديدة. بينما ستعيش بقية الأنظمة تحت رحمة شعوبها التي تنتظر الوقت الأنسب، وبالتالي فان هذا الهدوء ما هو الا الهدوء الذي يسبق العاصفة.


الأربعاء، 16 مارس 2011

رسالة الى الضمير


هل بات الحجاب كيس نفايات؟ هل يرضى المسلمون التطاول عليهم وعلى أمهاتهم وأخواتهم؟ ألا ترتدي الراهبة الحجاب؟ ألا ترتدي نسوة الشيعة والدروز الحجاب؟ وهل أصبحن كيس نفايات في أيام وئام وهاب!!
لماذا نغضب من أجل انسان أو زعيم ولا نغضب من أجل ديننا وحريتنا؟ لماذا نغضب اذا اعتدي على مركز حزبي ولا نغضب اذا اعتدي على المسجد والكنيسة؟
على الجميع اشباك الأيدي للنهوض والتحرك سريعا من أجل صون كل الأديان واحترام الشعائر الدينية، دفاعا عن أنفسنا ولما يمثلن الراهبات والمسلمات من عفة وطهارة.
 نرجو المشاركة الكثيفة لاعلاء الصوت ضد هذا العنصري والطائفي الذي أهان الجميع من أجل محاكمته سواء أتى كلامه بقصد أو بغير قصد.

الأربعاء، 2 مارس 2011

جحيم الجمهورية

"لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل." /اتفاق الطائف،المادة الأولى،الفقرة ج
لمفهوم الحرية مصطلحات ومفاهيم عديدة، ومنها أنها عبارة عن كل سلوك حر يمارسه الانسان بملء ارادته دون ضغط من أحد ودون تأثير لعوامل محيطة به، وهي أيضا التعبير الواقعي عن الشخصية بكاملها.
اذا قارنا المصطلحات بالواقع اللبناني لرأينا أن هناك تفاوت كبير أثبته الواقع الذي يعيشه ويعانيه معظم اللبنانيين.
كثيرا ما نسمع عن العمل من أجل الغاء الطائفية، فكيف تلغى الطائفية بالطائفية؟ فكلما كان هناك تعيينات على كافة الصعد قامت الدنيا ولم تقعد، فكل طائفة تدعي الظلم والاجحاف بحقها، فيتم الأمر بالنهاية على طريقة "مرقلي تمرقلك". والأمر من ذلك كله أن هناك بضعة من المناصب والوظائف لا يمكن ملؤها الا بأشخاص من طوائف محددة، والحجة دائما هي أكذوبة الحفاظ على العيش المشترك! فهل نحن حقا نعيشه؟
ان كان –جميع اللبنانيين- سواسي في الحقوق والواجبات، فلماذا نحرمهم ونقيدهم بمراكز محددة سلفاً بينما نسمح للآخرين بتبوء أرفعها؟
أما بالنسبة الى احترام الحريات والتعبير فحدث ولا حرج. فلكي تعمل في مؤسسة معينة، وجب عليك أن تكون بالدرجة الأولى "رفيقاً" وتابعاً لهذا –الزعيم- أو ذاك، فعن أي حرية نتكلم؟
وأخيرا تأتي المساوات في الحقوق والواجبات. فالمواطن الذي يعيش من دون واسطة يدفع الجزء الأكبر من الضرائب والفواتير وتأمين الطبابة والمعيشة والتعليم الخ.. أما -مواطن الواسطة- فهو معفى من الضرائب والفواتير لأن زعيمه يتمتع بصفات وقدرة الآلهة.
لقد بات جلياً أن اختيار اللبناني للحياة بما يجده مناسباً له ولقناعاته أصبح أمرا بالغ الصعوبة. فان أراد ذلك، كان عليه العمل لأوقات طويلة وفي أكثر من وظيفة، أو ربما اختار الرحيل.
في النهاية، ان كان اللبناني يعي تماما ضرورة الغاء الطائفية والعيش الكريم، وجب عليه أن يبدأ بذاته واعادة احياء الحرية البناءة التي تكمن بالقيم الأخلاقية وبتعزيز ثقافة المواطنية وتمكينها. فحماية الطوائف تكون بحماية الوطن وتعزيز قوته المستمدة من انتماء الجميع لوطنهم الأوحد.



الأحد، 13 فبراير 2011

لغد مشرق


انه يوم التخرج، وقف فيه المتخرجون صفا واحدا ويدا بيد كالبنيان المرصوص أمام معلميهم الذين ما بخلوا يوما في تزويدهم بكل ما يملكون من معرفة وثقافة، وأهلهم الحريصون دائما على ابقاء شعلة العلم مضاءة مهما كانت الظروف والأحوال. لقد أحس كل واحد منهم برعشة النجاح، نجاح حصولهم على مفاتيح أبواب الحياة التي ستفتح أمامهم ليدخلوها كل من بابه الذي رسمه وأبدع في رسمه. لقد انطلقوا بخطاهم الثابته نحو مستقبل واعد مشرق متعطشين للنجاح واضعين أمام نصب أعينهم الحلم.
أيها الزملاء، لا تدعوا أحدا يغزو عقولكم، ولا تجعلوا من تربتكم الصالحة مكانا تنمو فيه بذور الجهل. كونوا دائما كما كنتم المنارة التي يهتدى اليها، بادروا بنشر الثقافة والوعي من فوق رؤوس الجبال الشامخة، حافظوا على شعلة العلم مضاءة لكم ولأبنائكم. حافظوا عليها من عواصف الغدر والفتن، حافظوا عليها كما تحافظون على أرواحكم الطاهرة الغالية. أما الهجرة فلا تقربوها وتشبثوا في وطنكم فهو بحاجة الى طاقاتكم الفكرية والجسدية.
كونوا ركائز الوطن لتبنوا عليها الجسور، جسور عودة المهاجرين الذين لطالما أحبوا لقاء الوطن وأحب لقاءهم. فأنتم النور الذي يعبر بأعمالكم لتنيرو به كل مكان مظلم.