الثلاثاء، 29 مارس 2011

رياح التغيير

لقد أثبتت الثورات التي حصلت والتي ما تزال تحصل والتي يتوقع حصولها في الدول العربية، أثبتت قدرتها على فرض تغيرات وتحولات جذرية على النظام الجيوسياسي وعلى العلاقات فيما بينها وبين الغرب. لذا يمكن الحديث عن ثلاثة أجزاء أساسية من التحول.
التحول الأول ظهر في البلدان التي انتصرت فيها الثورة على الأنظمة الدكتاتورية، ومحاولة خلق ديمقراطية جديدة. ولعل الحالة الأهم هي الثورة المصرية وذلك لموقعها الجغرافي، ولنوعية علاقتها مع الغرب واسرائيل، وموقعها المتقدم في الصراع العربي الاسرائيلي.
من جهة أخرى، يشير الواقع المصري الى العبور نحو دولة ديمقراطية عبر تعديل الدستور واجراء الاستفتاءات مما يدل على أهمية مشاركة الشعب في صنع القرار على عكس ما كان يجري ابان حكم النظام السابق.
هذا التحول يفرض النظر بعين الاعتبار التحول الذي سيطرأ على سياسة مصر الخارجية والتي ستبدأ بمراجعة العلاقة مع اسرائيل واتفاقية كامب دايفيد دون الانسحاب منها أو تغييرها، والتي باتت تعتبر اتفاقية باردة لأن السلام لم يترجم أي تقارب بين الأطراف. أيضا هناك الوضع الفلسطيني- الفلسطيني والتي ستعمل الخارجية المصرية على تقريب وجهات النظر والتحرك نحو لعب دور ما حول غزة والحصار المفروض عليها.هذه التحركات ستؤمن لمصر العودة فعليا الى القيادة العربية.
التحول الثاني هو في البلدان التي تعيش الثورة والتي يتوقع اشتعال نار الثورة فيها. كخطوة استباقية وتفاديا لضغط الجماهير، قام الملك المغربي مؤخرا بالاعلان عن سلسلة خطوات من شأنها تعزيز سلطات كل من الوزير الأول والبرلمان دون أن يتطرق الى الوضع المعيشي والاجتماعي.
من المتوقع أنه اذا استمر الملك في التغاضي عن المواضيع الحياتية فان الشارع المغربي سينفجر في نهاية المطاف.
غير أن الوضع مختلف في اليمن والبحرين وليبيا حيث أن جميع محاولات الأنظمة باءت بالفشل بعد أن رفضها الشارع داعيا باسقاط الأنظمة في تلك البلاد.
أمام هذه التحولات كانت الولايات المتحدة تسعى دائما للحفاظ على مصالحها كونها الفاعل الأساسي في المنطقة. لذلك قامت مؤخرا باعادة بلورة سياستها الخارجية اتجاه بعض الدول وترتيب الحلفاء وذلك لتحقيق التوازن بين الديمقراطية الجديدة ومصالحها، ولحماية كل من الأسطولين الخامس والسادس في البحرين والمتوسط.
أخيرا تبقى الأنظار على الشوارع المشتعلة في بعض البلدان لمتابعة ولمعرفة الى ما ستؤول اليه الأحداث والتطورات دون الغفلة عن البلدان التي هي قيد انشاء الديمقراطية الجديدة. بينما ستعيش بقية الأنظمة تحت رحمة شعوبها التي تنتظر الوقت الأنسب، وبالتالي فان هذا الهدوء ما هو الا الهدوء الذي يسبق العاصفة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق